
مبشّرات الخريف: أمطار وسط السنغال تعزّز دفاع الجبهة المدارية في مواجهة تيار كنار
شهدت مناطق وسط السنغال، وعلى رأسها مدينة طوبى، تساقطات مطرية معتبرة خلال الليلة الماضية، تُعدّ الأولى من نوعها بهذا النطاق الزمني والمكاني هذا الموسم. هذا الحدث المناخي المبكر يحمل بين طيّاته إشارات واعدة لولايات موريتانيا الجنوبية الغربية، خصوصًا الترارزة ولبراكنة، إذ يمثل مؤشرًا مهمًا على بداية تحرّك المنظومة الموسمية نحو الشمال.
تقدم الرياح الموسمية: حين تبدأ الحكاية من السنغال
إن تساقط الأمطار في عمق الأراضي السنغالية يعكس تحركًا نشطًا للرياح الموسمية الجنوبية الغربية، التي تعتبر شريان الرطوبة الرئيسي لموسم الأمطار في الساحل وغرب إفريقيا. هذه الرياح، القادمة من خليج غينيا، تنقل كتلًا هوائية دافئة ورطبة تهيئ الأرض والجو معًا لاستقبال الموسم الزراعي.
الجبهة المدارية: الخط الأمامي لصراع موسمي.
الجبهة المدارية (ITCZ)، وهي الحد الفاصل بين الكتل الرطبة المدارية والكتل الجافة الصحراوية، تستجيب بسرعة لمثل هذه الهطولات، فكل قطرة في السنغال تدفع هذا الخط شمالًا، وتُعزز من فرص تغلغله في عمق الأراضي الموريتانية. هذا التقدم يُعد جوهريًا لبدء موسم الخريف في ولايات مثل لبراكنة والترارزة، المعتمدتين زراعيًا على هطولات هذه الجبهة.
تيار كنار والمرتفع الآزوري: التحدّي الكبير
غير أن الجبهة المدارية لا تتحرك في فراغ. فهناك قوى مناوئة لها، أبرزها تيار كنار البارد قبالة السواحل الأطلسية، والمرتفع الآزوري فوق شمال الأطلسي.
هذان العاملان يعملان على تقوية التيارات الجافة وعرقلة صعود الرطوبة.
لكن هطول الأمطار المبكر في السنغال يشير إلى أن الجبهة المدارية هذا الموسم قد تحظى بدعم كافٍ من الرطوبة والضغط المنخفض، بما يمكّنها من مقاومة تأثير كنار وتحدي الآزوري، خاصة إذا تزامن ذلك مع انكسار في المرتفع وازدياد نشاط المنخفض السوداني.
التوقعات: خريف واعد في الأفق
إذا استمرت هذه المؤشرات على ما هي عليه، فإن ولايتي الترارزة ولبراكنة على موعد مع خريف مبكر نسبيًا، وهو ما يُبشّر بموسم زراعي جيّد، خصوصًا إذا تم دعم الفلاحين والرعاة بالوسائل الفنية المناسبة.
في النهاية، تبقى القراءة الاستباقية للأنماط المناخية من أهم أدوات التعامل مع التغيرات البيئية، ولا بد أن تواكبها استعدادات ميدانية حكومية ومجتمعية تضمن تحويل هذا المكسب المناخي إلى مردود تنموي.