
قالت مجموعة كبيرة و وازنة من سكان مقاطعة بوكى، في ولاية لبراكنة أن مقاطعة بوكى كانت ولا زالت تضم نخبة مثقفة قادرة على قيادة قواعدها الشعبية سياسياً دون الوزير طامع في توسيع نفوذه .
وأشار بيان شديد اللهجة، وصل "وكالة المنارة الإخبارية" نسخة منه، يحمل غضب عارم لسكان مقاطعة بوكى، من مهرجان نظمه الوزير الحالي في حكومة ولد أنجاي، محمد ولد اسويدات، تم تجاهلهم فيه، قال البيان "كان من الأولى إصلاح ما أفسدته الانتخابات الماضية والتي سبقها بعد ذلك لا بأس بتنظيم أي نشاط سياسي ضمن مقارب. جامعة ترعى المصالح العامة".
وهذا نص البيان الصادر عن أطر مقاطعة بوكى، الذي وصل وكالة المنارة الإخبارية:
بسم الله الرحمن الرحيم
تُعدّ مقاطعة بوكي إحدى القلاع الاجتماعية والسياسية الراسخة في البلاد، بما تحمله من رمزية وطنية تجسّد تنوع موريتانيا الثقافي والاجتماعي في صورة مصغّرة، وتضطلع بدور استراتيجي بالغ الأهمية، بحكم موقعها الحدودي الذي جعل منها حاجزًا للأمن والاستقرار الوطني، إضافة إلى ما عُرفت به من ولاء ثابت للدولة عبر مختلف المراحل، ولاء لم تهزه تقلبات السياسة ولا تغيّرات الأشخاص، وهو ما يعكس مستوىً متقدمًا من الوعي الوطني المتجذر، القائم على إدراك المصلحة العامة، وهي بذلك ليست مجرد وحدة إدارية، بل تمثل فضاءً جامعًا لمكونات المجتمع الوطني، تنصهر فيه الرؤى وتنمو فيه الكفاءات التي ساهمت بفعالية في بناء الدولة منذ نشأتها. فقد قدمت المقاطعة أطرًا واكبوا مسارات التحول الوطني وأثبتوا جدارتهم في مختلف المحطات السياسية والثقافية.
ومن هذه الأرضية الوطنية الصلبة، يُطرح السؤال الجوهري: ترى هل سبق لنخبنا السياسية التنافس لتقديم الولاء لأي وافد من خارج الدائرة الإنتخابية خاصة إن كان ينوي التحكم بمصالحهم السياسية في المقاطعة؟
أم أن هذه التصرفات قد تكون مقبولة للوافد و مقدم الولاء ولو إن كان ذلك على حساب أطر المقاطعة؟
و كيف يمكن تقديم قراءة منطقية لاجتماعي دقفك و دار السلامة ؟
إن الاجتماعين المذكورين يثيران تساؤلات جوهرية تتجاوز مجرد الشكل التنظيمي، لتلامس عمق الرسائل الخفية والمضامين الملتبسة التي يحاولان تمريرها. فمقاطعة بوكي ليست ساحة مفتوحة لكل من هبّ ودبّ. والحضور المريب لفاعلين سياسيين من مقاطعة ألاك، مدعومين بجزء من قواعدهم المحلية، لا يمكن قراءته إلا كمحاولة مكشوفة لفرض واقع مصطنع، يحمل في طياته تهديدًا مباشرًا لثقة المواطن بمؤسساته، خاصة إن قوبلت هذه التحركات بالصمت أو التغاضي. فالانتماء الجغرافي والسياسي لا يُستعار، ولا يمكن أن يُفرض بموكب أو صور جماعية، مهما زخرفت عناوينها.
ومن هذا المنطلق نرى أن مقاطعة بوكي كانت وما زالت تضم نخبة مثقفة قادرة على قيادة قواعدها الشعبية سياسيًا واجتماعيًا دون الحاجة لا لوزير طامع في توسيع نفوذه الشخصي ولا لوجيه يرغب في تزكيته اجتماعيًا على حساب أبرياء ينتظرون من يرحمهم وينتشلهم من خانة الحرمان.
وهذا يقودنا للتعليق على الاجتماعين السياسيين بقريتي دقفك ودار السلامة بالملاحظات التالية:
# أولًا: من حيث الزمان لم تكن الفترة التي تم اختيارها موفقة لمجموعة من الأسباب نذكر منها أن أغلبية قواعدنا شعبوية وطيبة قد تدعم ولاءً وليس اقتناعا، لذلك من الصعب أن تقدر قيمة الحضور في هذه الفترة بالذات لتقديم الدعم لفلان أم علان.
# ثانيًا: كان من الأولى إصلاح ما أفسدته الانتخابات الماضية والتي سبقتها، بعد ذلك لا بأس بتنظيم أي نشاط سياسي ضمن مقاربة جامعة ترعى المصالح العامة.
# ثالثًا: تسجيل حضور لافت لأطر ومنتخبي مقاطعة ألاك وغياب جماعي لنظرائهم على مستوى مقاطعة بوكي، حيث تعكس الصور مفارقة غريبة يمكن أن يستشف منها أن مكان التظاهرة تابع للدائرة الانتخابية لمقاطعة ألاك. وهذه ليست المفارقة الوحيدة بل إن بعض القواعد الشعبية لهؤلاء الأطر أتوا معهم، وتلك مغالطة مكشوفة لإيهام صناع القرار ومتتبعي الرأي العام أن الصورة للقواعد الموجودة في بوكي فقط، وهذا لتغطية فراغ عزوف القواعد التي غابت تعبيرًا عن رفضهم لتسييرهم محليًا من قبل أطر مقاطعة ألاك.
ويُستخلص من الغياب الجماعي لأطر بوكي وقادة الهيئات الحزبية، من فدرالي حزب الإنصاف إلى رؤساء الأقسام، أن سكان المقاطعة يرفضون بشكل قاطع المحاولة البائسة التي يقودها حلف "يدًا بيد" لتزييف الواقع وتضليل الرأي العام بإيهامه بوجود دعم شعبي لا أساس له، فبوكي ليست ساحة مستباحة ولا قلعة رخوة، بل حصن منيع عصيّ على كل متسلل يسعى إلى انتزاع شرعية لا يملكها. وقد جاءت المقاطعة بردّها الصارم، حيث عبّر العزوف الواسع للأطر وقواعدهم
عن رفض حاسم، وهي رسالة واضحة مفادها أنهم اجتازوا الخطوط الحمراء وأن مكانهم ألاك وليس بوكي، وبالتالي فقد سجلوا فشلًا ذريعًا، حيث لم يرتقِ الحضور الكمي للمهرجان إلى مستوى التطلعات، بينما كانت المشاركة النوعية صفرًا.
وفي الأخير فكما أن لألاك رجالها ومشاكلها وهمومها، فإن لأهل بوكي الحق الكامل في التعبير عن خياراتهم بمعزل عن أي وصاية أو امتداد خارجي، وهم قادرون على حلحلة مشاكلها وقيادتها إلى بر الأمان ولا يمكن أن يزايد عليهم أحد، فهم أجدر بفهم برنامج رئيس الجمهورية وما تحقق من إنجازات سواء على المستوى الوطني أو المحلي، ونرجو أن تصحح تلك الاختلالات ليبقى كل شخص في مكانه الطبيعي. وأي محاولة لتجاوز هذا الحق تُعد تجاوزًا سياسيًا وأخلاقيًا يُهدد التوازن المحلي ويقوّض أسس العمل السياسي الجاد
بتاريخ: 2025/05/11
أحمد داداه انجاك الحسين