
مع انقضاء سنة جديدة من مأمورية رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، تبرزُ ملامحُ التحول المتسارع في قطاعات حيوية تشكّل رافعة للتنمية الوطنية. فقد عملت الحكومة، تنفيذاً لتوجيهات فخامة الرئيس، على تكريس الرؤية التي حملها برنامجه الانتخابي «تعهداتي»، عبر سياسات واقعية وملموسة بدأت نتائجها تظهر جلية في مجالات البنية التحتية، التعليم، الصحة، تمكين المرأة، الإعلام، والرقمنة.
بنية تحتية تُؤسس لمستقبل مختلف
شهد العام المنصرم طفرة نوعية في مشاريع البنية التحتية، تمثّلت في تعبيد آلاف الكيلومترات من الطرق الحضرية والوطنية، وتدشين جسور استراتيجية خفّفت من الضغط على محاور النقل الرئيسية، خصوصاً في العاصمة نواكشوط.
ومن بين هذه الجسور، برز جسر الحي الساكن – ملتقى مدريد، الذي ساهم في تسهيل انسيابية المرور وربط الأحياء الشمالية بالوسط والجنوب. كما شهدت بعض المدن الداخلية تحسينات كبيرة في شبكات الطرق والماء والكهرباء، مما ساعد على فك العزلة وتعزيز الجاذبية الاقتصادية.
التعليم العالي والتكوين: إصلاح وتوسيع
في قطاع التعليم العالي، اتُّخذت خطوات مهمة لإعادة هيكلة النظام الجامعي، حيث أُطلقت مشاريع توسيع الحرم الجامعي الجديد في نواكشوط، وتم دعم المعاهد العليا بالتجهيزات الضرورية، كما شهد القطاع دفعة نحو الرقمنة عبر المنصات الرقمية والتدريس عن بعد. أما في التكوين المهني، فقد تم افتتاح مراكز جديدة للتكوين في مختلف الولايات، تعزز قدرات الشباب وتفتح لهم آفاق التشغيل الذاتي أو الاندماج في سوق العمل.
التهذيب الوطني: تثبيت القيم وبناء المدرسة الجمهورية
عرف التعليم الأساسي والثانوي تحسناً ملموساً على مستوى البنية المدرسية من خلال بناء وتجهيز مئات الفصول الدراسية، وتوسيع البرامج الموجهة لمحاربة التسرب المدرسي، خاصة في الوسط الريفي. كما عزّزت الحكومة من حضور اللغة الوطنية والعربية في المناهج، ضمن رؤية ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز المواطنة، واستُكملت الإجراءات التنظيمية لتنفيذ المدرسة الجمهورية الشاملة والعادلة.
الصحة: تعزيز الولوج وتحديث التجهيزات
استمر العمل على تعميم خدمات الصحة الأساسية، حيث تم توسيع شبكة المراكز والنقاط الصحية، وافتُتحت وحدات عناية مكثفة جديدة في بعض المستشفيات الجهوية، إضافة إلى دعم برامج التلقيح والرعاية الأولية. وقد أُطلقت مبادرات لتوفير الأدوية الأساسية بأسعار مدعومة، كما تم اكتتاب أعداد من الكوادر الصحية في مختلف التخصصات.
الرقمنة والتقنيات الجديدة: تسريع التحول الرقمي
كان لقطاع التقنيات الجديدة نصيبٌ معتبر من الجهد الحكومي، حيث تم إطلاق عدد من الخدمات الإدارية الرقمية، شملت الحالة المدنية، الضمان الاجتماعي، والتسجيلات الجامعية. وبدأت وزارة التحول الرقمي تنفيذ استراتيجية لتعميم الانترنت في المدن الداخلية، وربط المؤسسات التربوية والإدارية بشبكات الألياف البصرية.
تمكين المرأة: من الالتزام إلى التفعيل
تميّز العام المنصرم بتوسيع نطاق برامج تمكين النساء، من خلال التمويل الموجّه للأنشطة المدرة للدخل، والتكوينات في ريادة الأعمال، والدعم الاجتماعي. كما سُجلت نسب قياسية في إشراك المرأة في المناصب الإدارية والانتخابية، تأكيداً لنهج الإنصاف الذي جعل من الكفاءة المعيار الأساس في التعيين.
ترسيم المتعاونين في الإعلام العمومي: إنصاف طال انتظاره
أحد أبرز القرارات الرمزية التي شهدها العام كان ترسيم العشرات من المتعاونين في مؤسسات الإعلام العمومي بعد سنوات من العمل دون حقوق وظيفية. وقد شكّل هذا الإجراء تصحيحاً لوضعية غير منصفة، وفتح الباب أمام تحسين أداء هذه المؤسسات التي تلعب دوراً محورياً في ترسيخ التعددية وتنوير الرأي العام.
هكذا، يتواصل مسار البناء والتحديث بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، في ظل وعي متزايد بحجم التحديات وإصرار على تحويل الطموحات إلى واقع ملموس. ورغم أن الطريق لا يخلو من العوائق، إلا أن سنة الإنجاز هذه تؤكد أن البلاد تمضي بخطى ثابتة نحو التقدم والاستقرار.